Tuesday, October 24, 2006

لماذا تغيير أسماء المدن والأحياء


أوميد كوبرولو

كنا نأمل بعد سقوط النظام العراقي السابق بحول وقوة الله تعالى وليس الأمريكان والإنكليز ومرتزقاتهم الأشرار ولا تقنيات العصر الحديث لأن الله عز وجل أراد أن يبين لقادة الأرض نهاية كل طاغوت ودكتاتور وظالم وجبار متسلط على رقاب شعبه، بأن تأتي جهة تقلد سياسة ذلك النظام الذي ناضل العراقيون جميعا من أجل إسقاطه، وترتكب نفس أخطاء ذلك النظام، ولكنه يبدو بأن حب التسلط وظلم الآخرين والتمييز بين فئات الشعب ومكوناته صفات لا يخلوها الذين يستلمون مقاليد الحكم في العراق أبدا. وسنظل نتمنى بأن يأتي نظام وطني نزيه وحر وديمقراطي يفهم معنى الإنسانية قبل كل شيء ويفهم الديمقراطية والعدالة والمساواة ويطبق تلك المفاهيم تطبيقا حقيقيا ولا يدعي بهن فقط.

رغم ادعاء جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية العراقية التي دخلت البلاد بعد سقوط النظام العراقي السابق القضاء على الظلم والاضطهاد وتحقيق الحياة الحرة الكريمة لأبناء الرافدين وعدم التمييز بين مكونات الشعب على أساس عرقي وطائفي وعدم التجاوز على حقوق أحد، لكن الذي نشاهده في واقع الأرض العراقي يبرهن لنا بأن الظلم والاضطهاد والاستبداد وتهديد المواطنين وتخويفهم واعتقالهم واختطافهم وقتلهم بطرق مظلمة مجهولة الذي أصبح قدر العراقيين لا زال حاكما وبل أكثر من فترة حكم النظام السابق الذي سعينا وجاهدنا من أجل القضاء عليه. فللأسف الشديد الكثير من الجهات السياسية العراقية اليوم لم تفلح سوى في زرع الفتن الطائفية والعرقية والحقد والعداء في نفوس مكونات الشعب العراقي الذي يدفع الثمن الغالي يوميا عشرات القتلى وضعف ذلك من الجرحى. فبالله عليكم متى كان الكردي أيام صدام أو قبله يكره تركمانيا أو عربيا أو كلدو آشوريا أو أرمنيا من أبناء كركوك الأصليين؟ أم هل سمعتم يوما ما بأن تركمانيا يكره كرديا أو عربيا أو غيره من أبناء كركوك الأصليين؟ ألم يكن التاريخ أكبر شاهدا على العلاقات الجميلة الطيبة بين مكونات الشعب الكركوكي؟ فلماذا يغتالون رابطة حسن المعاملة والمعاشرة والقرابة والجيرة والدين الإسلامي الحنيف بين أبناء المدينة الذهبية؟

تغيير أسماء المدن والقصبات والقرى ظاهرة غير حضارية لجأ إليها النظام السابق فسمى محافظة قضاء تكريت ب ( صلاح الدين ) نسبة إلى البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، وسمى محافظة كركوك ب ( التأميم ) نسبة إلى تأميم شركات النفط العراقي ومحافظة الديوانية ب ( القادسية ) نسبة إلى واقعة قادسية في عصر الخلافة الإسلامية وهكذا. ربما لم يكن وراء تغيير أكثر الأسماء آنذاك دافعا سياسيا أو عرقيا ولكن الكثير من أبناء المناطق والأحياء التي تغيرت أسماءها تضايقوا من تلك التغييرات وابدءوا سخطهم ورفضهم. واليوم التاريخ يعيد نفسه فبعض الجهات التي كانت مظلومة أيام صدام، أصبحت ظالمة حال دخولها العراق مع قوات الاحتلال وقامت بتقليد سياسة النظام السابق حرفيا وارتكاب نفس الأخطاء التي كانت وراء كره الكثيرين من الأكراد والتركمان وبقية أقوام العراق للعرب. فبدلا من الاستفادة من أخطاء النظام السابق لكسب ود ومحبة وتأييد أبناء الشعب العراقي ، سار قادة تلك الجهات على نهج النظام السابق الخاطئ وبذلك خسروا ثقة الشعب بهم وزرعوا الفتنة النكراء والحقد البغضاء بين مكونات الشعب وأوشكوا البلاد على حرب أهلية لا يفرح له سوى أعداء العراق والعراقيين.

فقامت البعض من الجهات التي دخلت كركوك ضاربة مشاعر وأحاسيس أبناءها عرض الحائط، بتغيير أسماء الكثير من القصبات والقرى والأحياء والشوارع والمستشفيات والحدائق وحتى مراكز الشرطة في المدينة من أسماءها التركمانية القديمة إلى أسماء كردية فبدلا من تغيير اسم مستشفى صدام العام بأسم عالم طب معروف غيروه بأسم كردي ( أزادي ) وغيروا أسم مركز شرطة المثنى الكائن في حي المصلى التركماني بنفس الأسم ( أزادي ) وهكذا غير غيره . وقاموا بتنزيل لوحات دالة المدارس والدوائر الحكومية والمتنزهات المكتوبة بالعربية وتعليق لوحات كتب بالكردية وجهزت قبل سقوط النظام في أربيل وسليمانية، وقاموا بهذا الانتهاك الصارخ أيضا دون أخذ موافقة أحد. وبذلك بدلا من أن ينالوا على ثقة وتأييد الشعب الكركوكي لهم، نالوا على نفور الشعب منهم ومن سياستهم العنصرية البغيضة. ففرض سياسة الأمر الواقع ولغة المحتل وتغيير الأسماء لن تجلب سوى الفتنة والحقد والعداء، والأفضل ذلك ابتكار سبل كسب ود ومحبة وثقة وتأييد الآخرين. فكركوك الأمس التي غير النظام البائد اسمها إلى تأميم عادت إلى أصلها لتحمل أسمها الحقيقي وتتحلى بزيها التركماني الجميل رغم احتلالها وتغيير طابعها الديموغرافي من جديد. وستبقى مدينة ( آلتون كوبري ) تحمل أسمها التركماني الذي غيره النظام السابق إلى ( النهرين ) رغم تسميتها من قبل بعض الجهات الكردية ب ( بردي ) أي الجسر بالعربية.

فبدون شك للأسماء معانيها ودلائلها وعزتها عند أهاليها، فهناك أسماء عربية لمدن غالبيتها من التركمان يعتزون أهاليها بهذه التسميات ولن يقبلوا تبديلها باسم آخر كاسم ( تل عفر )، وأسماء تركية لمدن سكانها أكراد أيضا يعتزون أهالي تلك المدن بتلكم التسميات ك ( كوي سنجاق ) و ( قوش تبة ) ولا يقبلون التبديل أبدا. فالأفضل على تلك الجهات التي تستفز مكونات الشعب العراقي بمثل هذه الأعمال الشوفينية ابتكار أساليب أخرى حضارية تستطيع بواسطتها جمع مكونات الشعب الكركوكي في مدينة كركوك وبقية المدن المحيطة بها على المحبة والوئام والتآلف والتكاتف والخير وتحقق لهم السلام والأمان الدائم وعن طريقها تنال رضاهم وثقتهم. وألا فلا من ظلم وعدوان يدوم أبدا.


No comments: